الأخبار والأنشطة

05 نيسان 2024
تداعيات الحرب على القطاع السياحي تخطت المليار دولار

قدَّر كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عودة الدكتور مروان بركات الإيرادات السياحية الضائعة خلال فترة الستة أشهر منذ اندلاع الحرب في جنوب لبنان، "فاقت المليار دولار أميركي حتى الآن، وذلك على أساس انخفاض متوسط ​​في عدد السياح بنسبة 24%، علماً أن متوسط ​​إنفاق السائح في لبنان يبلغ حوالي 3000 دولار أميركي"، ويشير إلى أن "حجم الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغ اليوم مستوى منخفض ما دون الـ10%، وهو أحد أدنى المستويات في التاريخ المعاصر للبلاد ومن بين أضعف المستويات في الأسواق الناشئة مما يشير إلى ضعف ملحوظ في مؤشر تكوين رأس المال بشكل عام"، ويعتبر أن "في سياق الشحّ المستمر في العملات الأجنبية في لبنان، وانخفاض قيمة العملة بأكثر من 98٪ منذ عام 2019، والتضخم المفرط، والفراغ السياسي الذي طال أمده، فإن اقتصاد لبنان لا يتحمّل التخلي عن تدفقات العملات الأجنبية الهامة من قطاع السياحة والتي تعتبر أبرز محركات النمو للبلاد بشكل عام".

 

لام بركات جاء في حديث لـ"المركزية" أسهب خلاله في تفنيد التداعيات المباشرة وغير المباشرة للحرب القائمة على الاقتصاد الوطني ولا سيما القطاع السياحي، ويقول: لا شك في أن الاقتصاد اللبناني هو من بين الاقتصادات الإقليمية الأكثر تضرراً من الحرب المستجدة، وذلك من خلال التأثيرات المباشرة وغير المباشرة. فتبرز الآثار المباشرة للحرب في جنوب لبنان والتي أدّت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة في جميع أنحاء المنطقة الحدودية بشكل عام. أما الآثار غير المباشرة فترتبط بتداعيات الوضع الأمني ​​غير المستقر على البلاد ككل، مما يؤثر على إجمالي الاستثمار وسط غموض التوقعات وحالة الترقب من ناحية، والتداعيات على أداء القطاع السياحي من ناحية أخرى والذي كان قد بدأ يشهد إشارات انتعاش ملحوظ ما قبل الصراع.

على صعيد التأثيرات المباشرة، يقول: أدت الضربات والغارات منذ بداية المناوشات في جنوب لبنان إلى تدمير جزء من البنى التحتية والمساكن والأراضي الزراعية والمحاصيل. ويلاحظ هذا بشكل خاص في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية - الإسرائيلية ولكنه امتد مؤخرًا إلى المنطقة الجنوبية بالمعنى الواسع ليصل الى البقاع. وتشير التقديرات الأولية إلى أنه منذ بدء الأعمال العدائية، وصلت القيمة الإجمالية للأضرار إلى أكثر من 2.5 مليار دولار أميركي بشكل عام لـ 5000 مسكن متضرر وأضرار في البنى التحتية والزراعة. بالإضافة إلى ذلك، تقدّر الخسائر الناجمة عن إغلاق المؤسسات وتوقف الأعمال في المنطقة الحدودية بمئات الملايين من الدولارات، مما يفاقم إجمالي الخسائر المباشرة منذ 8 تشرين الأول 2023.

وفي ما يتعلق بالآثار غير المباشرة على إجمالي الاستثمار في لبنان بشكل عام، فقد "أعاقت الحرب المستثمرين في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية عن اتخاذ قرارات الاستثمار، أو على الأقل تأخير تنفيذ القرارات السابقة" بحسب بركات، "فقد تحوّل المستثمرون إلى حالة من الترقب وسط غموض الوضع الأمني ​​في البلاد والذي يؤثر سلبًا على التوقعات الاقصادية والمالية للبنان. والجدير بالذكر أن حجم الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغ اليوم مستوى منخفض ما دون الـ10%، وهو أحد أدنى المستويات في التاريخ المعاصر للبلاد ومن بين أضعف المستويات في الأسواق الناشئة مما يشير إلى ضعف ملحوظ في مؤشر تكوين رأس المال بشكل عام.

وفي ما يتعلق بأسواق الرساميل، يقول: عانت سندات اليوروبوند اللبنانية من عمليات بيع ابتداء من أوائل تشرين الأول، مما يشير إلى تردي معنويات السوق الضمنية بشأن التوقعات الاقتصادية وإعادة هيكلة الديون. ان سندات اليوربوندو السيادية، التي كانت تتداول بمتوسط ​​7.875 سنت للدولار عشية السادس من تشرين الأول، قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، يتم تداولها اليوم بسعر 6.5 سنت للدولار.

على صعيد التأثيرات غير المباشرة على القطاع السياحي في لبنان بشكل عام، يشير بركات إلى أن "للحرب آثاراً سلبية كبيرة على القطاع السياحي، لا سيما أن البلاد كانت على مشارف مواسم سياحية واعدة سواء كان خلال عطلة عيد الميلاد أو خلال موسم التزلج أو خلال عيدي الفصح والفطر. ونحن نقدّر أن الإيرادات السياحية الضائعة خلال فترة الستة أشهر منذ اندلاع الحرب فاقت المليار دولار أميركي حتى الآن، وذلك على أساس انخفاض متوسط ​​في عدد السياح بنسبة 24%، علماً أن متوسط ​​إنفاق السائح في لبنان يبلغ حوالي 3000 دولار أميركي".

ويتابع: كما أن تردّي قطاع السياحة يعيق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان ويضعف وضعيته الخارجية. في هذا السياق، قامت وكالة "ستاندرد أند بورز" باختبار التأثير الصافي لخسارة 10% أو 30% أو 70% من إيرادات السياحة على اقتصاد لبنان، علماً أن البلاد تعتمد بشكل كبير على قطاع السياحة، حيث يمثل 26% من إيرادات الحساب الجاري. وفي سياق السيناريو الأول، ترى وكالة "ستاندرد أند بورز" أنه إذا انخفضت عائدات السياحة بنسبة 10%، فإن الخسارة المباشرة للناتج المحلي الفعلي يمكن أن تصل إلى 3%. وفي ظل السيناريو الثاني، الذي يفترض انخفاض عائدات السياحة بنسبة 30%، فإن التأثير الناتج سيكون انكماشاً بنسبة 10% في الاقتصاد المحلي الحقيقي. وأخيراً، في ظل السيناريو الثالث، الذي يفترض خسارة بنسبة 70% من عائدات السياحة، من المرجح أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنسبة 23%.

ويختم بركات: في هذا الإطار وفي سياق الشحّ المستمر في العملات الأجنبية في لبنان، وانخفاض قيمة العملة بأكثر من 98٪ منذ عام 2019، والتضخم المفرط، والفراغ السياسي الذي طال أمده، فإن اقتصاد لبنان لا يتحمّل التخلي عن تدفقات العملات الأجنبية الهامة من قطاع السياحة والتي تعتبر أبرز محرّكات النمو للبلاد بشكل عام.

المصدر: وكالة الأنباء المركزية

 

 

من نحن

تطلّعاتنا هي تأمين عمل لائق ودخل مستدام ومستقر لضمان التنوع الصحي للمجتمع اللبناني والعمل على تشجيع الأفراد اللبنانيين على المساهمة الفعالة في بناء الأمة من خلال مؤسسات القطاع العام.